كتاب الرائ

مخاوف على المدى البعيد

نجاح مصدق

بكل الألوان

على خلفية اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات الذي صدم الشارع العربي والأحزاب الفاعلة والمهتمين بالمشهد وقضايا الشرق الأوسط وأثار غضب الليبيين والذي ظهر واضحا عبر صفحتهم في مواقع التواصل الاجتماعي والذي اعتبر طعنة من الإمارات للقضية الفلسطينية التي أدرج أسمها في الاتفاق فقط لامتصاص الصدمة وكسب منضمين جدد حينما نص الاتفاق على تعليق إسرائيل خططها لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ، ثم والأهم والأكثر أهمية إقامة الإمارات علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وتبادل الاستثمارات بين البلدين وتوقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات التربية والتعليم والتجارة والسياحة ، وإذا كان ليس مستغربا أساسا ولا هو بخاف على أحد ما تقوم به الإمارات ولا أعتقد بعد موقفها من القضايا العربية وتدخلاتها في ليبيا وغيرها لدعم مصالحها في المنطقة وإن كان الآن جهرا بحقيقة العلاقات بينها وبين إسرائيل وبدعم ورعاية من الدبلوماسية الأمريكية التي تصب مصلحتها في نفس الاتجاه سوف لن يكون صادم أو غير متوقع ، بل محصلة متوقعة جدا ، ولكن الأمر الذي يعنينا نحن الليبيين من غير تعاطفنا وتضامننا مع الشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية هو ليس تأجيل إسرائيل ضم أراضي من الضفة الغربية فقط بل الملف الليبي الحاضر والذي يشكل مغنما للأطراف المتنازعة على سيطرة النفوذ على المياه الاقليمية والغاز وغيره في ليبيا ، وإلى جانب الاتفاقية بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، التي تعني بالحدود البحرية للبلدين في شرق البحر المتوسط جاء رد تركيا الرافض للتطبيع ليس حبا في القضية الفلسطينية طبعا ولكن خوفا على ما يشكله التوافق الإسرائيلي الإماراتي من خطر على مصالحها في المنطقة وخصوصا في ليبيا ، يبدو أن المشاركة التركية في الحروب في ليبيا وسوريا قد عززت الجهود الإماراتية لجذب أوروبا، وفي نهاية المطاف الولايات المتحدة، إلى صراعها مع تركيا وتعتمد الإمارات على حقيقة أن علاقات تركيا التقليدية مع حلفائها في الناتو متوترة بسبب مجموعة من القضايا، بما في ذلك التدخل العسكري التركي في ليبيا، ومصير الملايين من اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم تركيا، وعلاقة تركيا بروسيا وشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس-400” كل هذا يجعلني اقبع في بيتي بلا كهرباء ولا ماء ولا سيولة نقدية وأشعر بأن هناك مثل قديم يخصنا في الموضوع وهو إياك أعني وأسمعي يا جارة ، وما اتفق عليه له تبعاته فوق أرضي وعلى ما تملكه بلادي ، وإننا وأن انزعجنا مما فعلته الإمارات تعاطفا مع القضية الفلسطينية ، فالأجدى أن نخاف ونتوقع الأسواء احترازا مما هو قادم نحونا بعيدا عن لغة المشاعر والتعاطي بعد أن أصبح اللعب على المكشوف وما تفعله الاتفاقية هناك بالتأكيد ستشهد ليبيا تداعياته غدا وإن طال الأمد .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى