كتاب الرائ

التأقلم كآلية تعايش ..

نجاح مصدق

بكل الألوان

التأقلم كآلية تعايش ..

نجاح مصدق

في لحظة ما تقف مع نفسك محاولاً استرجاع تنقلاتك عبر رقعة الحياة وحصر انجازاتك المتوقعة في جوقة الواقع ومعطياته لتجد نفسك قد تخطيت مصاعب وتجاوزت عراقيل كنت لا تعتقد أبداً أن لك القدرة على مجاراتها وتجاوزها وأخرى استطعت أن تطوَع ذاتك وشحنات تردداتك القائدة لمحاذاتها جنباً إلى جنب لتكشف في نهاية المطاف كم أنت كائن متأقلم !! .
في الحياة المعاشة بكل مناحيها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وجملة المشاعر والعواطف يستطيع الإنسان تكييف ذاته والتأقلم مع واقعه حتى في أسوأ الظروف وأكثر السبل تعثراً كمحاولة منه لاحداث توازن بين واقعه المعاش وجملة التطلعات المرجوة والاهداف المنشودة يقول جينفير انيستون )كلما تقدمت بالعمر ادركت ما الصفات التى تشكل أولوياتي في الحب وما يناسبني ومالا استطيع التأقلم معه ( وهذا ما يقودنا إلي أن الكائن الاجتماعي هو المسؤول الأول والأخير على تحديد واقعة وله التأثير القوى عليه وهو الذي يسلم لا رادته خيوط تحركاته في المسارات الإيجابية تجاوز المعوقات التي تنعكس على الحياة الاجتماعية بالخصوص ومناحي الحياة المختلفة الأخرى بالعموم أما قبول الواقع كما هو بكل ما يحمله في طياته يعد استسلاماً وتسليماً طالما خلى الأمر من تحكيم الإرادة لمواجهة العراقيل وخلق مسارات أفضل ومقاومة ما لا يتماشي وعزيمتنا في اتخاذ القرارات فيتحول الأمر من حياة مخطط لها ومنظمة إلى عملية استسلام واستلاب وتأقلم سلبي وجبر الذات على مجاراة الواقع ومسايرته كما هو دون محاولات لوضع آلية كسر ما تسوقك الظروف المعاشة إلية فقط يعد التأقلم أمراً مقبولاً حينما تنعدم الخيارات الأخرى وحتى لا يرى الإنسان من نفسه متهماً فيبرىء ذاته متجاوزاً الشعور بالعجز والضعف في تحدى الظروف المحيطة ويجدنفسه سرعة منساقاً لقوى ظالمة ومحبطة تمارس جرائمها عليه وعلى حقوقه وحرياته بشكل سافر هنا فقط يعد التأقلم حلاً نهائياً وجزءاً مما يمثله التأقلم الإيجابي لأنه يريح الإنسان من الاحساس بالذنب امام نفسه في حين يظل التأقلم السلبي المنحصر في الخضوع والتعبئة مع القدرة على أحداث تغيير في الواقع هو الوجه الأكثر سوءاً وبشاعة والمتبع لشعوبنا شعوب الشرق الأوسط والعالم الثالث لوحظ أننا شعوب نملك خاصية التأقلم السلبي بكل ما تعنيه الكلمة نتأقلم بكل سرسة مع أي واقع يفرض علينا وهذا ما يجعل الأمر كارثياً حين يتحول الواقع والمجتمعات إلى نموذج شبيه بالغابة مع مرور الوقت ويتحول الفرد إلى إداة بيد قوى الظلم والشر واللا إنسانية .

بالعموم الأنسان الحر لايرضى أن يظل في واقع فرض عليه بالقوة يسلب حريته وإنسانيته وملامح حياته الإيجابية وهو مكتوف الايدي عاجزاً على تغيير ما يمكنه تغييره تحت مسمى التأقلم أو التكيف مع الواقع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى