المنوعات

هل يصلح القرار .. ماضاع من الدينار ؟!

بالمناسبة

هل يصلح القرار .. ماضاع من الدينار ؟!

عصفت ببلادنا فى السنوات الثلاثة الماضية أزمة سيولة نقدية ، أشترك الجميع فى قيامها بلا أى مبرر .. اقول الجميع مواطنين وتجار وفاعلين أقتصاديين ومضاربين ، بل وحتى المرابين الذين ظهروا بصورة أو بأخرى ، فى بلد إسلامى يحرم الربا تحريما قطعيا ..!! حالة إقتصادية أوصلنا إليها انفسنا  ، بسبب سلبيتنا ، وإنعدام الحس الاقتصادى والوطنى عندما يتعلق الامر بمصير دولة، بعد ان أدرنا لها ظهورنا . وإستسلمنا لنوم عميق بقينا نغط فيه منذ فترة طويلة ، لم نلتحق خلالها  بأعمالنا ، ولم نسدد فيها ضرائب دخولنا ، ولافواتير كهرباء بيوتنا المضاءة بالكامل ليل ونهار ، ولاحتى حافظنا على الوقود المدعوم الذى يحرق سبهللا فى زحمة طرقاتنا المكتظة بالحديد المتحرك ، الذى تقوده جموع تتفسح ولا تعمل  ، وتاكل و( تتكيف ) ولا تنتج ..!!  وهو ماسبب مع غيره من العوامل مايمكن ان نلخصه بالتضخم المالى الجامح الذى أصبحت ترزح تحته دولتنا . فكان ماهو كائن اليوم من إرتفاع للاسعار فى كل شئ ، فعظم ثقل مناسباتنا ومواسمنا ،حتى  أستأسدت  علينا كباش العيد ، وشربة رمضان ، والعودة المدرسية ، وكل حاجيات حياتنا اليومية   .  ..!! وحتى نضع القارئ الكريم فى إطار هذا الوضع الاقتصادى الصعب الذى عشناه ولا زلنا  نعيش آثاره حتى الان ،  رغم القراررقم (1 ) لسنة 2018 بشأن تحديد قيمة الرسم المفروض على مبيعات النقد الاجنبى ، والذى نص فى مادته الاولى على فرض رسم على بيعه بما نسبته 183% . وبيعه للمواطنين والتجار بطريقة غير مباشرة .. ومع ما سبق ذلك ولازال  يصاحبه من  تضخم مالى ، لابأس من معرفة بعض أنواع هذا التضخم ، ولم لا بعض من حكاياته المؤلمة .. فمن أشهر وأسوأ ظواهر التضخم المالي الجامع المعروفة، تلك التي ضربت ألمانيا خلال عقد العشرينات من القرن الماضي ،حيث إنه وفي شهر يناير من عام 1923 كان يلزم ( 4200 ) مارك  لشراء دولاراً واحداً ..!! شئ لا يصدق طبعاً ، ولكن تلك هي الحقيقة إذ أن فترات التضخم تكون مأساوية بالنسبة للسكان الذين يرون المقدرة الشرائية لمدخراتهن ولعملهم تنتقص يوماً بعد يوم ، بل وأحياناً حتى خلال بعض الساعات كما يحدث للعملة الليبية فى هذه الايام من غرائب ولعب وتحايل ، حيث ترتفع اسعار السلع كل دقيقة وهى فى مكانها ساكنة ، وترتفع اسعار العملة الاجنبية وتهبط العملة المحلية فى لحظة واحدة وبمجرد مكالمة هاتفية ..!!

أن الحديث عن التضخم المالي والغلاء ، خصوصاً أبان الأزمات ذو شجون ، وهو ما يستجوب العودة بكم إلى الوراء قرون لنستحضر مآسي واقع اقتصادي مر ، وغلاء جامح ، وقع  أيام عهد الملك المستنصر الفاطمي ، واستمر أمده لسبع سنين ، بسبب ضعف السلطنة ، واختلال أحوال المملكة ، وإستيلاء الأمراء على الدولة ، واتصال الفتن بين الناس .. فقد أستولى الجوع لعدم القوت حتى بيع القليل من القمح بثمانين ديناراً ، وأكلت الكلاب القطط ، وبيع الكلب ليؤكل بخمسة دنانير ، بل أن ثمن رغيف الخبز الواحد بلغ ألف دينار ، وفي هذا حكاية قصيرة ولكنها مؤلمة وغريبة ، انها حكاية أمرأة من أرباب البيوتات أخذت عقداً لها قيمته ألف دينار ، وعرضته على جماعة في أن يعطوها به دقيقاً  ، ولم تجد من يقايضها به ، إلى أن رحمها بعض الناس ، وباعها كيس دقيق . فلما أخدته أعطت بعضه لمن يحمله ويحميه من النهابة في الطريق . فلما وصلت إلى باب زويلة بالقاهرة ، تسلمته من الحماة له ومشت قليلاً . فتكاثر الناس عليها وانتهبوه منها . فأخذت هي أيضاً مع الناس من الدقيق ملء يديها ، لم ينبها غير ه . ثم عجنته قرص خبز وذهبت إلى أحد أبواب القصر ، ووقفت على مكان مرتفع ، ورفعت القرصة على يدها بحيث يراها الناس ، ونادت بأعلى صوتها : يأهل القاهرة.. ادعوا لمولانا المستنصر الذي اسعد الله الناس بايامه حتى تقوّمت عليّا هذه القرصة بألف دينار ..!!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى