كتاب الرائ

ليبيا .. هل يعود اليهود ؟

فيصل الهمالي

دبابيس

اثارت مطالب “رفاييل لوزون” رئيس اتحاد يهود ليبيا في المهجر ، بالمشاركة في جلسات الحوار الليبي الذي ترعاه الامم المتحدة في مقرها بجينيف ، زوبعة في اوساط الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لهذا الحق وداعم لمطالب يهود ليبيا بالعودة الى موطنهم الأصلي وممارسة حياتهم بشكل طبيعي كمواطنين ليبيين ، وبين رافض للفكرة برمتها ، واصفاً مطالب “لوزون” بأنها غطاء لتدخل صهيوني في الملف الليبي لخلط الأوراق ، وزيادة تشويش لتحقيق مكاسب تخدم الكيان الإسرائيلي ،وتجلب مزيد المصائب على الليبيين ، وكالعادة عند اي خلاف أو اختلاف تُكال التهم دون دليل او برهان  .

وافق عامة الليبيون أم رفضوا ، أمراً لن ولم يقدم شيئاً أو يؤخر، كما هو الحال في الكثير من الملفات الشائكة والعالقة منذ زمن ، كما لم يعد أمام ساستنا الموقرين إلا لعب بعض أدوار “الكومبارس” الذي بإمكان المخرج استبداله بأخر ، دون أن يحدث أي تأثير في المسرحية قد يتنبه له المتابع ، رغم ما تحمله بين فصولها من تكرار ممل للأحداث وإن اختلفت الرواية ، ولنا في السنوات الماضية الكثير من الأمثلة التي تثبت ذلك ، فكم من الوجوه التي كنا نظنها صاحبة القرار ، و شخصيات طالما اعتبرناها ذات النفوذ الأقوى والتأثير المباشر في دهاليز السلطة وأروقتها ، والمتمتعة بالحظوة والرضى في بلاطات أباطرة الدول العظمى ؛ اختفت فجأة دون سابق انذار ، وانسحبت من المشهد بهدوء وصارت نسياً منسيا بعد عملية استبدال ” ناعمة ” ، رغم ما خلفته من دمار .

ليست قضية عودة “يهود ليبيا” هي ما يتوجب طرحها أو النقاش حولها في هذا الوقت الحرج ، فكون اسم ليبيا قد اقترن بهذا المكون ، فأن العيش على ارض أباءهم وأجدادهم حقاً شرعياً ، وفق الأعراف والقوانين والأديان السماوية ، ولا يمكن مصادرته إلا ظلماً وتعنتاً ، اتفقنا معه أو اختلفنا ، في وقت لا أجد فيه مبرراً لهذا الاختلاف ، بعيداً عن المعايير العاطفية وما حملته الروايات التاريخية من احداث قرأناها وحفظناها عن ظهر قلب ، لعل نصفها حقيقي والباقي من بنات افكار من كتب او أمر بالكتابة ، أو تعمد اخفاء جوانب اخرى تحمل صورة مختلفة من جانب اخر ، ليظل ملف اليهود فزاعة صالحة لكل الأزمنة ، وبعبع يستخدمه ذاك الذي يمسك بخيوط اللعبة من اطرافها ، ويعرف متى  وكيف يُغيب خيطاً ليُظهر أخر ، وهو على يقين تام بما سيحققه من نتائج .

ما أراه أن عودة يهود ليبيا أمراً أصبح قاب قوسين أو أدنى ،  ولعل اعتراف الأمم المتحدة بهم كجزء من المشاركين في حوار جينيف ، ووعود سلامة  لرئيس اتحادهم هو البداية الفعلية لتحقيق الغاية المنشودة  ، فهذا الاعتراف يثبت وجهة النظر الأممية والدولية لملف يهود ليبيا بالكامل ، و اشارة واضحة لكل الأطراف المتصارعة بأنه قد يكون مفتاح الحلول ، وأن الحظوة ستكون لمن يبادر بضمه إلى مشروعه السياسي المستقبلي ، وهو ما أعاد  إلى أذهاننا مشروعاً طموحاً كان قد انطلق قبل سنوات من احداث التغيير فبراير 2011 ، والذي قطع صاحبه في هذا الاتجاه خطوات فعلية ومعلنة ، إلا أنه لم ينجح في استكمال ما بدأه حينها ، و لعله يستطع ذلك يوماً ، طالما عمليات استبدال اللاعبين باتت سمة من سمات الأزمة الليبية ، واسلوب مميز لمن يدير دفتها ، ولم يعد في مضمار السياسة أمراً مستحيل ، وعلى الجميع توقع المزيد من المفاجآت .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى