الاقتصاديةتحقيقات ولقاءات

بعد أشهر من الإغلاق رأس اجدير – وازن .. هل سيعيدان التوازن ؟

فتح المعبرين لاقى ترحيبا واسعا من مواطني البلدين رغم الاشتراطات الصعبة

ليبيا كانت الشريك التجاري الخامس لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا

لسان الحال بالبلدين .. نأمل ألا تكون اشتراطات البروتوكول الصحي شوكة في خاصرة الاتفاق

بعد مباحثات وشد وجذب ومواعيد ومخاض عسير ، انتهى الحال إلى الاتفاق النهائي بين الجهات المختصة في ليبيا وتونس على فتح الحدود بين البلدين التي ظلت مقفلة بينهما منذ مدة ليست بالقصيرة إثر انتشار جائحة كورونا ، وعودة حركة الانسياب بينهما على المستويين الشخصي والتجاري برا وبحرا ابتداء من يوم السبت الماضي الموافق 14 / 11 / 2020 ، وعودة الرحلات الجوية بين مطارات البلدين بدأ من يوم الأحد 15 / 11 / 2020 .

هذه الخطوة التي انتظرها الكثيرون في كل من تونس وليبيا ، لاقت ترحيبا واسعا من مواطني البلدين رغم الاشتراطات الصعبة التي يتضمنها البروتوكول الصحي المتفق عليه بين البلدين .

هذا الترحيب لم يأت جزافا ، ولا هو نتاج حالة عاطفية صرفة ، بل جاء نتيجة لكون العلاقات الليبية التونسية خاصة على المستوى الاجتماعي ، هي علاقات جسدها تقارب العادات والتقاليد والمصاهرة وتبادل المنفعة بينهما على مر عشرات السنين وربما أكثر من ذلك بكثير .

ولا نريد أن نبتعد كثيرا ، فالآن جل المصحات التونسية والكفاءة الطبية فيها جعلت أغلب المرضى الليبيين يعالجون فيها ، كما أن معظم السلع الغذائية والفواكه الموسمية ومواد البناء وبعض الأدوية ذات المنشأ التونسي أضحت أساسية في الأسواق الليبية ، وفي الجانب التونسي كانت حركة انسياب الليبيين عبر المنافذ البرية تشكل مصدرا للدخل لدى الكثير من الأهالي في الجنوب التونسي ، جراء انتعاش الفنادق والمقاهي والمطاعم ومكاتب تبديل العملة ، هذا إلى جانب عمليات التهريب التي لا يمكن تجاهلها للوقود والأدوية وبعض السلع والتي تشكل مصدر عيش لبعض فئات المجتمع في كلا البلدين خاصة تونس .

0 admin

نظرة على ماضي العلاقات التجارية بين البلدين

استنادا إلى تقارير البنك الدولي ، تاريخيا تعد ليبيا الشريك الاقتصادي رقم واحد لتونس في منطقة المغرب العربي، وكانت تتبوأ المركز الخامس بعد كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، ، فالسوق الليبية تستوعب قرابة 70 % من حجم الصادرات التونسية سنويا، باستثناء التهريب والتجارة الموازية اللذين يشكلان أكثر من نصف المبادلات التجارية .

وما قبل العام 2011 كانت تونس ما قبل العام 2011 ، تُصدّر نحو مليار دولار إلى ليبيا، وحاليا أصبح هذا الرقم أقل مما كان عليه نظرا لتراجع التعامل مع السوق الليبية لأسباب عديدة . ومثلت خسارة السوق الليبي زلزالا حقيقيا للعديد من المؤسسات في تونس، خاصة أن 12% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة تعتبر السوق الأفريقية وخاصة الجارة ليبيا أول عملائه .

خطوات لم تغير من الواقع شيئا

على الرغم من قيام تونس خلال الأشهر القليلة الماضية في تخفيف قيود حركة التبادل السلعي  بينها وبين ليبيا بالسماح للناقلين والمصدرين بتبادل السلع على مستوى المعابر الحدودية دون الدخول إلى الأراضي التونسية بالنسبة لليبيين أو دخول الأراضي الليبية بالنسبة للتونسيين    لم تحقق هذه الخطوة الغاية المرجوة منها ،  وظلت أسعار المنتجات التونسية جراء نذرتها في السوق الليبي مرتفعة الثمن قياسا بأسعارها المعتادة قيل ذلك ، فعلى سبيل المثال بلغ سعر الكيلو جرام من كسكسي ” دياري ” المحبب لليبيين سبعة دنانير ونصف ، وسعر 400 جرام من مكرونة ” سبيقة ” دينارين ونص بعد أن كان يباعا بنص الثمن في أسوأ الأحوال ، فيما بلغ سعر كيلو الخوخ خمسة عشر دينارا ، هذا من غير الزيادة الكبيرة التي لحقت بمعظم الواردات التونسية .

مامدى تأثير البروتوكول الصحي على هذه الخطوة ؟

وعلى الرغم من حاجة الاقتصاد التونسي وكذلك الليبي لعودة العلاقات البينية والتجارية بين البلدين إلى سابق عهدها ، ذلك لأن في استمرارها تهدئة لأهالي الجنوب التونسي الذي يعتمد بشكل كبير جدا على ذك ، والذي سبق له في مدينة بن قردان التعبير عن مطالبه بضرورة فتح المعابر بين البلدين بأكثر من صورة تجسدت في التظاهر وقفل الطرق ومنع الشاحنات المحملة بالسلع من الوصول إلى معبر رأس اجدير ، وحاجة ليبيا إلى إطفاء نار أسعار السلع الغذائية الملتهبة منذ مدة ، من جهة وإلى الخدمات العامة والخدمات الطبية التي تقدمها المصحات التونسية من جهة أخرى ، يظل الخوف من انعكاس اشتراطات البروتوكول الصحي الذي تم بموجبه فتح الحدود بين البلدين على هذا الاتفاق ، إن لم تكن سببا في إيقاف العمل به في أي لحظة .

وما نأمله ألا تكون هذه الاشتراطات شوكة في خاصرة الاتفاق ، وأن يكون فتح معبري رأس اجدير والذهيبة بوازن .. سببا في عودة  التوازن لأسعار السلع الغذائية بالسوق الليبي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى