الاقتصاديةتحقيقات ولقاءات

الكفرة تنتج أفضل أنواع المانجا ولكن بسبب عدم تسويقه يتحول لعلف حيواني

يصل إنتاج الشجرة البالغ عمرها الـ5 سنوات ما بين 3 إلى 4 قنطار سنويا

يشكوا مزارعو المانجو من قلة انتشار منتجاتهم في السوق المحلية

طرابلس 12 أغسطس 2022م

مصدر الصور وبعض البيانات من الأنترنت

تعتبر مدينة الكفرة الليبية  من أغني وأشهر الواحات في أفريقيا من حيث إنتاج المحاصيل. وتقع هذه المدينة في جنوب شرق ليبيا، ويعود تاريخها إلى مئات السنين. وتشكل المدينة أرخبيلا من الواحات ولكن بسبب الإهمال والتصحر غمرتها الكثبان الرملية.

وأشتهرت قديما بإنتاج أفضل أنواع الثمور من خلال زراعة النخيل حول الواحات المائية المنتشرة بها والموقع الإستراتيجي لمدينة الكفرة جعلها حلقة وصل وملتقى للقوافل والطرق ومركز تجاري مند القدم إلى يومنا هذا فهي تربط بين دولة السودان وتشاد وجنوب مصر مما حولها إلى مدينة مهمة في هذه المنطقة الصحراوية

وخلال سبعينيات القرن الماضي مع دخول الكهرباء وإنتشار حفر الأبار الجوفية دخلت المانجو الكفرة وبرغم الصعوبات التي واجهت المختصين لتوطينها تمكن المحليون من زراعتها وتكييفها مع البيئة الصحراوية للجنوب حين جلبت بذورها على يد سائقي الشاحنات التجارية العائدين من تشاد والسودان.

وقد شجع نجاح زراعتها مشروع النخيل والمانجو على استجلاب أصناف منوعة من دولتي بوركينا فاسو ومصر، كما تم توطين أصناف مختلفة منها كقلب الثور، السمكة، البركينية الحمراء والصفراء، وحملت بعضها أسماء محلية أطلقها عليها سكان الكفرة.

واليوم باتت شجرة المانجو تزين أفنية المنازل وساحات المقرات الحكومية في الكفرة ويصل إنتاج الشجرة البالغ عمرها الـ5 سنوات ما بين 3 إلى 4 قنطار سنويا، وصارت مورداً تجاريا يتم تسويقه إلى مدن الشمال .

وشيئا فشيئا تغلب المزارعون والمهندسون الزراعيون، منذ ذلك الوقت على صعوبات عديدة تواجههم، وتمكنوا من إنباتها في الأراضي الرملية ذات المناخ الصحراوي، وقاموا بزراعتها مستخدمين البذور الناضجة، أو الغروس الجاهزة مع مراعاة تعرضها للظل لفترات طويلة من اليوم لحمايتها من لهيب الشمس الحارقة، كما قاموا ببناء مصدات للرياح حول أماكن الزراعة فهذه الفاكهة الحلوة لا تحتمل التعرض للرياح الشديدة المتربة خاصة عندما تكون الشجرة محملة بالثمار

وكبرت زراعة المانجو، وتحولت الى مزارع كبيرة ورغم غياب بيانات معتمدة من مراكز زراعية متخصصة حول عدد أشجار المانجو أو كمية الإنتاج السنوي لها بهذه المدينة إلا إننا ومن خلال التواصل مع بعض الفلاحين بمدينة الكفرة فقد أكدوا لنا إن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من ثلاثمائة ألف شجرة ويصل إنتاج الشجرة البالغ عمرها ا5 سنوات ما بين 3 إلى 4 قنطار سنوياً، من مختلف الأنواع ذات جودة عالية التي تصل المراحل الإنتاجية إلى ذروتها أواخر شهر يوليو وأوائل شهر أغسطس من كل عام وذلك كون الجنوب الليبي عموما والكفرة خصوصا يتواجد فوق خزانات مياه جوفية هي أشبه ببحار للمياه العذبة والتي تغذي الشمال الليبي بإحتياجاته للمياه كما ساعدت المياه الجوفية في إنعاش وإحياء مئات الهكتارات الجافة وتحويلها من صحراء صفراء لمروج خضراء

تنتج أفضل أنواع المانجا ولكن بسبب عدم تسويقه يتحول لعلف حيواني 9 admin

الصعوبات التي تواجه المزارعين

ومع كل ما سبق ذكره من معلومات وبيانات إيجابية تسر القارئ إلا إن هناك مشاكل وصعوبات تواجه هذه الثروة الزراعية الناشئة فمنذ اثني عشر عاماً تم إهمال المشاريع الزراعية في ليبيا عامة إهمالاً تاماً بعد أن كانت الآفاق المستقبلية تستبشر بدولة زراعية قد تتصدر دول العالم في إنتاجها لزراعة أكثر من إنتاجها للوقود الأحفوري ولكن الظروف حالت دون ذلك بسبب الفوضى والتجاذبات التي تعانيها البلاد منذ عقد من الزمن ناهيك عن قلة الإهتمام الذي كان موجوداً.

كذلك يعاني هذا المورد المهم من الإهمال وقلة الدعم حيث يشكو الفلاح والمزارع من شح في المواد الزراعية ومن إنعدام تام لجهات داعمة أو شركات تختص في زراعة أشجار المانجو وجني وحصاد ثمارها وأخذها لمصانع ومستودعات خاصة لعصرها أو حفظها ليتم تصديرها للخارج وقبل ذلك معرفة جودتها وعدم وجود مصنع واحد بالمدينة لتصنيع عصير المانجو فلم تلقَ المخاطبات التي قدمها المزارعون قبولاً لدى الجهات الرسمية بإستثناء بعض الوعود

ويشكوا مزارعو المانجو من قلة انتشار منتجاتهم في السوق المحلية، بسبب عدم وجود دعم من وزارة الزراعة وعدم تشجيع الإنتاج المحلي وتعويضه بالاستيراد من الخارج، الأمر الذي جعل بعض المزارعين بحسب تصريحاتهم إلى تقديم ثمرة المانجو كعلف للمواشي والدواب، فيما تفسد كميات كبيرة منها لعدم تمكن المزارعين من تخزينها أو تسويقها.

وبسبب سوء الطرق وعدم وجود قطارات وطرق سكك حديدية يصعب توفيره وتوزيعه في كل أسواق ليبيا حيث تعد الطريق الرابطة بين الكفرة واجدابيا من اسوأ الطرق البرية في ليبيا ولم يتم لحد الآن ومنذ عقود إعادة ترميم وصيانة الطريق ولا إنشاء طرق جديدة مما أدى إلى تكديس إنتاج ثمار المانجو في منطقة الكفرة وضعف تصديرها للمناطق الأخرى ولعل السبب الأول هو اعتماد البلاد على استيراد أغلب المنتجات من الخارج بالرغم من تواجدها في الداخل وبجودة أفضل من الذي يتم استجلابه من الخارج.

ويلقي المزارعون باللوم على الوزارات المختصة وخصوصا وزارتي  الزراعة والاقتصاد المقصرتان في جمع فائض إنتاج ثمار المانجو، وتوفيره وتوزيعه في كل أسواق ليبيا وإيقاف استيراده من الخارج.

وكبرت زراعة المانجو، وتحولت الى مزارع كبيرة، لكن الفشل في تسويق المحصول وعدم رعايته وعدم الالتفات الى مثل هذا المنتوج المحلي يعرض المزارعين كل عام للخسارة ويهدر انتاج ضخم يباع بأرخص الاثمان دون أي استفادة منه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى