كتاب الرائ

الآثار الصحية للفقر


الصحة مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفرد والأسرة والمجتمع ، والفقر هو ليس غياب المال فقط وإنما نقص الموارد للحصول على ضرورات الحياة ، وهو حالة تتميز بالحرمان الشديد من الاحتياجات الإنسانية ، والحياة في بيئات معيشية تضمن الحصول على الموارد التي تكفل السكن الصحي اللائق ، والنظام الغذائي الصحي المتوازن ، والمشاركة في أنشطة أنماط الحياة المختلفة بكل يسر وسهولة وراحة ،
وليبيا كانت لفترات زمنية طويلة تعاني من الفقر والاستعمار الذي زاد من شدة الفقر ، إلى أن تم إكتشاف النفط وتأسست الدولة ، وعانى المجتمع من آثار الفقر على الصحة وزدات معدلات الوفيات في المواليد والحوامل ، ونقص متوسط الأعمار ، وكثرت أمراض سوء التغذية ، والنقص الحاد في الغذاء المتوازن والمتكامل والذى أذى للتعرض لحزمة من المخاطر الصحية ، وعدم القدرة علي مجابهة الأمراض المعدية والتي تتزايد في البيئات المعيشية الغير صحية ، وتفاقمت في المجتمع الأمراض الغير معدية مما اذت لفقدان الكثير من الناس ، ووصلت نسبة الفقد في الأسر الليبية حينها من فرد إلى نصف أفراد العائلة ، وتزداد مع إنتشار الأوبئة في الأزمان التي تعرضت فيها البلاد لموجات من الأوبئة والأمراض المعدية ، ونظرًا للظروف الصحية التي يمر بها العالم ، وعدم وجود نظام صحي قوي للبلاد يحمي صحة الناس ويعززها لهم ، مع الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها ليبيا بعد فترة احتراب وهجرة ونزوح ، وارتفاع معدلات البطالة والتضخم ، وغلاء الأسعار التي لا تتناسب مع الدخول والمرتبات ، وتذبذب في أسعار الصرف ، والانهيار المتواصل في العملة المحلية ، والتوسع في التعليم الخاص ، والعلاج بالمصحات الخاصة ، بالتوازي مع فقدان المجتمع الحماية الاجتماعية تدريجيًا ، وأصبحت الحالة الاقتصادية للطبقة الوسطى تفتقر للحصول على الحد الأدنى من مستويات الغذاء والملبس والرعاية الصحية والتعليم ، وكل الحاجيات اللازمة لتأمين مستوى حياة لائق ، والذي أثر على صحة معظم الناس من خلال سوء التغذية نتيجة نقص الغذاء المطلوب أو أن لا يكون صحي اذا كان متاح ، والكثير من الفقراء يلجأون لاتخاذ خيارات قاسية تعرض صحتهم للخطر لتأمين الأكل لأطفالهم ، ونظرًا لتكاليف الأطباء والمصحات والمختبرات والصيدليات الخاصة تضطر الكثير من الأسر لبيع حاجياتها وممتلكاتها وتستدين لتغطية تكاليف العلاج لمنظومة جميعها تتقاضى مرتباتها من الدخل القومي ، وتجمع بين العمل العام والخاص الذي تتعاظم فيه تضارب المصالح ، تدمر المرافق العامة وتتدني فيها الخدمات ، ويجبر المرضى وذويهم على الخيار الأصعب مع عدم القدرة على تحمل نفقات العلاج مما يضطر المرضى للجوء لخيارات سيئة تتناسب مع قدراتهم المالية الضعيفة مثل التردد على المستشفيات العامة التي تتطلب ان يحضر المريض تقريبًا كل شئ من خارجها ، أو شراء الأدوية والمستلزمات الطبية الأقل جودة ، أو المقلدة والمغشوشة ، واللجوء للمصحات العشوائية التي تعمل بلا معايير ومخالفة للمواصفات والمقاييس وتفتقد لأدنى متطلبات المرافق الصحية العلاجية الصحيحة ، ولذلك أصبح الفقر سبب ونتيجة لسوء الحالة الصحية ، وشح الأموال يحول دون الحصول على الضروريات للصحة المثلى كالطعام الكافي المتوازن ، والرعاية الطبية بجودة عالية ، والخدمات الصحية المتقدمة الآمنة التي يسهل الوصول اليها والحصول عليها بسرعة ودقة وبكرامة ، ولذلك تؤثر سلبًا الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة وتزيد من الأخطار المسببة للأمراض والوفيات المبكرة ، وتؤدي بالضرورة لتناقص متوسط الأعمار ، ولأن الفقر والصحة في علاقة متبادلة بالضرورة أن تتخد التدابير العاجلة للنهوض بالقطاع الصحي الحكومي ، وإعادة تشغيل المرافق الصحية والمستشفيات بإمكانيات كبيرة وبجودة عالية ، والحد من عدم المساواة الصحية بين الناس والمناطق ، وضرورة الإنصاف الصحي بين المدن والقرى وتوفير الخدمات الصحية لكل الناس ، مع دمج أنماط الحياة في سياسة الصحة العامة ، وخصوصًا للفئات المحرومة والمهمشة ومن يعيشون في بيئات فقيرة ، وسرعة الفصل بين العام والخاص ، وتشديد الرقابة على أسعار وجودة الخدمات وجودة السلع والأدوية والمستلزمات ، والتأخير في ذلك سيفاقم من زيادة الأمراض كالسل والأمراض التنفسية والجذام واللشمانيا والجرب وداء الكلب والاسهال وأمراض سوء التغذية ، وغيرها من أمراض متعددة ، وتزداد الوفيات في المواليد والحوامل ، وترتفع وثيرة الأمراض النفسية والعقلية ، وتزداد حالات الإنتحار بين الفئات العمرية ، وتزداد الأمراض السرطانية المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والأمراض المناعية ، والأمراض الوبائية تزداد انتشارًا وفتكًا بالناس ، وللاسف تتعاظم المخاطر مع أنتشار المخدرات والمسكرات وزيادة أنتشار التدخين بين مختلف الفئات العمرية الناشئة وبين الجنسين ، ولخطورة آثار الفقر على الصحة والحياة ، نرجوا العمل على تعزيز الحماية الاجتماعية والصحية بما يحقق المحددات المطلوبة لكل منهما ..
أو كما قال زياد الرحباني أنا مش كافر بس الجوع كافر والمرض كافر والفقر كافر والذل كافر …
د.علي المبروك ابوقرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى