القطاع الصحي ليس مجرد مباني أو ادارات أوأجهزة طبية أومؤسسات متناثرة أوكيانات متفرقة أو هيئات بمسميات مختلفة ، بل هو منظومة مترابطة لا يمكن أن تؤدي دورها إلا إذا كانت قائمة على التكامل والاتصال والانسجام وسلسلة مترابطة من الخدمات تتحرك فيها الموارد والبيانات والمعلومات والمرضى بسلاسة ويسر ، ومسار علاجي واضح يضمن التشخيص المبكر ، والتدخل السريع ، والعلاج المناسب المثالي ، والتأهيل والعودة للحياة الطبيعية ، وإنما ما يحدث في بلادنا هو عكس هذه القاعدة حيث يتم تفتيت القطاع الصحي إلى كيانات متفرقة يظن البعض أنها تقوي المنظومة بل هي في الواقع تحولها إلى جزر معزولة ، ويغيب التنسيق ، وتضيع حقوق المرضى ، وباب لهدر الموارد والفساد ، وبيئة للصراعات المؤسسية ، إن تفتيت القطاع الصحي يعني ضعف وتردي الخدمات ، وغياب الثقة بين المواطن والدولة ، وفقدان الأمن الصحي ، وتكريس للازدواجية ، وتدمير للعدالة الصحية ، حيث يترك الفقراء وما أكثرهم للمعاناة ، والاغنياء والنافذين لا خوف عليهم لهم طرق بديلة وميسرة ، إن النظام الصحي هو سلسلة من الخدمات تبداء من قبل الرصد المبكر والاستباقي ، والتنبؤ بالأمراض والأوبئة والتدخل قبل تفاقمها واستفحالها ، ويمر عبر الرعاية الصحية الأولية الشاملة ، والتي إتسعت لتغطية خدمات الصحة الواحدة في المكان الواحد كخط دفاعي حصين تحل فيه وعنده أكثر من 85% من المشاكل الصحية ، وخدمات الإسعاف والطوارئ والاستجابة الفورية بالامكانيات الهائلة اللوجستية والبشرية المؤهلة وفي الأوقات القياسية التي تتسابق مع الزمن لإنقاذ الحياة في كل مكان بربوع الوطن ، والخدمات الاستشفائية العلاجية بمستوياتها الثلاثية ، والرعاية اللاحقة التأهيلية حتى يستعيد المريض صحته وعافيته وقدرته على العمل والإنتاج ، والعودة للحياة الطبيعية ، ولكي يعمل النظام بفعالية لابد أن يتحرك المريض بسهولة وسرعة بين هذه المراحل تصحبه أو تسبقه بياناته ومعلوماته الصحية عبر ملف صحي موحد وإلكتروني مؤمن ، ولا يحتاج لإعادة الفحوصات ، أو مواجهة بيروقراطية مرهقة من إدارات بعيدة عن المنطق والعلوم الإدارية الصحية والمهنية ، التي تجعله يتنقل تائها ضايعا بين المؤسسات الصحية المجزأة ، إن تفتيت النظام الصحي يضر بصحة وحياة الناس ، ويفاقم من المعاناة والآلام والمشاق ، والصحة حق وليست غنيمة ، ومن يفتت منظومتها يعتدي على حياة الناس ، ومن يرى في تفتيت النظام الصحي إصلاح عليه أن يعلم أنه تفكيك لمقومات الدولة وعدالتها ، واضعاف وإنهيار للنظام الصحي مهما رُفِعتْ من شعارات التطوير والإصلاح ، والقطاع الصحي ليس مجرد إدارة خدمات بل أساسي للموطن والمجتمع ، وركيزة للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة ، وأي تفتيت أو تشتيت في المنظومة هو إنتهاك مباشر لهذا الحق لأنه يعرقل وصول الناس الى العلاج المثالي والمنصف والسريع ، والنظام الصحي القوي والفعال والمنصف هو الذي يكون مثل سلسلة متينة مترابطة الحلقات ، أو كالنهر الواحد المتدفق تتغذى منه الجداول والعيون ، وليس كالبرك والمستنقعات تنشر الأمراض ولا تروي أرض ولا بشر ، العالم يوحد الصحة ونحن نفتتها ، ويربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة ونحن نقطع أوصال صحة الإنسان ذاته .
شهدت العاصمة الكينية نيروبي، خلال الفترة من 17 إلى 22 نوفمبر 2025، انعقاد المؤتمر العالمي…
د.علي المبروك أبوقرين هناك لحظة حرجة في تاريخ الأمم تتوقف فيها عقارب الساعة على سؤال…
إن القطاع الصحي العام ليس مجرد مؤسسات تقدم العلاج أو تُدار بالموازنات السنوية ، بل…
د.علي المبروك أبوقرينإن الأوطان لا تقاس بارتفاع مبانيها ولا بحجم موازناتها ولا بعدد قراراتها ،…
جلال عثمان قد يتساءل البعض عن سبب اختيار مكان خارج ليبيا لانعقاد هذا الاجتماع التأسيسي…