كتاب الرائ

الحماية التشريعية للصحة والحياة أمام التحديات العصرية .

د.علي المبروك أبوقرين

يواجه المجتمع تحديات وتهديدات صحية وحياتية عديدة وتتعاظم ، ومنها أوبئة وجوائح عابرة للحدود ، وأمراض معدية ومزمنة ، وتلوث بيئي بكل أنواعه ، وتغييرات مناخية ، وأغذية فاسدة ، وأدوية مغشوشة ، أو أدوية أساسية وللأورام وللأمراض المزمنة ناقصة أو مفقودة أو غير موثوقة ، ومؤسسات صحية وهمية ، وتعليم وتدريب طبي وصحي متدني وشهادات مشتراة ، وأخطاء طبية متعددة ، ومخدرات وكحول وهجرات متنوعة ، وحوادث تحصد الآلاف ، وجرائم سيبرانية ضد البيانات والمعلومات الطبية للمواطنين ، وعوامل أخرى تهدد بانتشار الأمراض وارتفاع معدلات الاصابات والاعاقات والوفيات ، وتراجع في متوسط الأعمار  ، كل هذا وما هو أعظم من تحديات وتهديدات في حاجة الى إطار قانوني قوي ، وحزم تشريعية حازمة تترجم إلى سياسات عملية تطبق على أرض الواقع ، لحماية صحة وحياة وكرامة الناس ، وتضمن توفر وسلامة الغذاء والدواء عبر قوانين صارمة ، لمراقبة الاستيراد ، والإنتاج والتخزين والتوزيع ، والاحتياطي الاستراتيجي ، مع عقوبات رادعة للمخالفين ، ووضع معايير ملزمة للنفايات والمياه والهواء والغذاء والحيوانات ، لضمان بيئة آمنة تقلل من الأمراض ، والتكيف مع التغييرات المناخية عبر قوانين تقلل من التلوث ، وتحمي الموارد الطبيعية ، وتخطط للاستجابة للكوارث الصحية والبيئية ، ومنع الأدوية المغشوشة ، والممارسات التجارية الضارة بالصحة ، وتشديد العقوبات على شبكات التهريب والغش الدوائي ، ومكافحة الإدمان والكحول والمخدرات عبر تشريعات وقائية وعلاجية وعقابية ، وتشمل مراكز التأهيل والعلاج ، والزام المؤسسات الصحية والاكاديمية بمعايير جودة معتمدة دوليًا ، وضبط ممارسات التعليم والتدريب والتوظيف في القطاع الصحي ، والمراجعة والتدقيق والمساءلة الطبية لضمان حقوق المرضى ، وتقليل الأخطاء الطبية ، ومنع الاستغلال والغش ، أو التقصير والإهمال والتمييز ، وعدم الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ والاحالة ،

إن الصحة العامة وحياة الناس مرتبطة بالبيئة الاجتماعية والمعيشية ، والتشريعات الصحية وحدها لا تكفي إذا لم تتكامل مع تشريعات اجتماعية وبيئية واقتصادية وتعليمية واعلامية وغيرها في حزمة تشريعية واحدة ، تضمن الحماية والحق في الصحة والحياة ، والعدالة الاجتماعية ، وصون الكرامة الانسانية ، ودعم حقيقي ومجزئي للفقراء والمسنين والمتقاعدين وذوي الهمم والايتام ، مع وجود تشريعات وقوانين تحظر العشوائيات ، وتلزم بالمخططات الحضرية العصرية ، والاكواد العالمية للزلازل والعواصف والكوارث الطبيعية ، والمعايير الحديثة للمرافق الأساسية من المياه الصالحة والصرف الصحي ، والنظافة والمساحات الخضراء ، والتهوية وشبكات المواصلات العصرية ، والخدمات الصحية المتكاملة والشاملة والرقمنة والسجلات الالكترونية المؤمنة ، والطوارئ والإنقاذ ، وضرورة إيجاد تشريعات ملزمة تضمن حقوق العاملين بالدولة والخاص ، وساعات العمل وطبيعة العمل ، وقوانين للحماية ضد الإصابات والأمراض المهنية ، وقوانين صارمة وملزمة تفرض جودة التعليم وتربطه باحتياجات المجتمع وسوق العمل ، مع ضرورة دمج التوعية الصحية والبيئية في المناهج ، وتشريعات وقوانين صارمة لتضييق الفجوات الطبقية الفجة ، وتكافح الفساد والاحتكار ، وتضمن وصول الموارد والخدمات بعدالة بين المناطق والفئات ، والحماية من الاستغلال الاقتصادي أو الصحي ، والدعاية الكاذبة والإعلانات الطبية المظللة ، وتفرض سياسات للوقاية من الأزمات والكوارث الصحية والطبيعية ، والاحتياطات الاحترازية ، والاستعداد والاستجابة لتحقيق الحماية للفرد والمجتمع والبلاد والعباد ، الصحة لا تُحمى بالأدوية وحدها بل بالعدل في المعيشة ، والكرامة في العمل ، والامان في السكن ، ولا تنمية بلا صحة ، ولا صحة بلا عدالة اجتماعية وتشريعات ضامنة ، والبيئة العادلة ، والصحة المتكافئة ، والتعليم الراسخ أعمدة العمر الطويل والعيش الكريم ، والقانون العادل ليس أوراقًا مكتوبة ، بل هو حياة مضمونة وكرامة مصونة ..

منشور له صلة

مشاركة ليبية بالمؤتمر العالمي الرابع عشر للرابطة الدولية لقضاة اللاجئين والهجرة في نيروبي

شهدت العاصمة الكينية نيروبي، خلال الفترة من 17 إلى 22 نوفمبر 2025، انعقاد المؤتمر العالمي…

4 أسابيع منذ

الرؤية الصحية الطويلة الأمد

د.علي المبروك أبوقرين هناك لحظة حرجة في تاريخ الأمم تتوقف فيها عقارب الساعة على سؤال…

شهر واحد منذ

الصحة التعليمية

هناك لحظة خفية تبدأ فيها الحكاية ، لحظة لا يسمعها أحد ، حين تنبض خلية…

شهر واحد منذ

الدور السيادي والنهضوي للقطاع الصحي

إن القطاع الصحي العام ليس مجرد مؤسسات تقدم العلاج أو تُدار بالموازنات السنوية ، بل…

شهر واحد منذ

المؤشرات الصحية

د.علي المبروك أبوقرينإن الأوطان لا تقاس بارتفاع مبانيها ولا بحجم موازناتها ولا بعدد قراراتها ،…

شهر واحد منذ

لماذا إسطنبول؟

جلال عثمان قد يتساءل البعض عن سبب اختيار مكان خارج ليبيا لانعقاد هذا الاجتماع التأسيسي…

شهر واحد منذ