التصنيفات: كتاب الرائ

اشتراكية المصطلح اللغوي القديم بين ليبيا ومصر 3-3

د. عبدالعزيز الصويعي

ثالثاً : المعٌجَم اللغوي المشترك بين المصرية والليبية القديمتين :

د. عبدالعزيز الصويعي

1- جذور مشتركة :

كثيراً ما يتخذ اللغويون والمؤرخون الغربيون اللغة الليبية القديمة ميداناً للمقارنة في دراسة اللغة المصرية القديمة ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الأصل اللغوي المشترك بين اللغتين فقد أورد (أوريك بيتس ) مثلا في مؤلفه الشهير (الليبيون الشرقيون  Theeas tern Libyans    مجموعة جذور مصرية وكافأها بجذور ليبية ، انتقينا بعضاً منها ، وسنحاول إضافة ما يقابل معانيها في اللغة العربية الحديثة قدر الإمكان زيادة في التوضيح .

– الجذر المصري (fk) ويعني الحاصل (الحاصل على مكافاة ) مقابل الجذر الليبي (fk) ويعني (أعطى أو قّدم هدية ) ربما يكون مقلوبة (kf ) =كافأ العربي .

– الجذر المصري (ms)ويعني الفعل (ولد) مقابل الجذر الليبي (mg ) ويعني الفعل (ولد) أو الصفة (حي ) ومنه البادئة (mes -) التي تشير أحياناً إلى المعنى (ابن ، أي المولود) كما سنرى لاحقاً .

– الجذر المصري (ms) ويعني (سيد ) مقابل الجذر الليبي (ms) ويعني الشيء نفسه .

وال( مزُ) في لسان العرب : القدر والفضل ، أي التقدير والمفاضلة ، والسيد مقدر ومفضل .

– الجذر المصري (sr) ويعني (أمير أو رئيس ) مقابل الجذر الليبي (zr) ويعني (ذو رتبة عالية ) . ولفظ (سرا) في لسان العرب يشير إلى علو الشرف والمروءة والسري “= قلعة الحاكم ) .. وفي الأكّدية :” شرم (+ملك) ومنها إسم المؤسس ” سركون” أو “شراكون” .

– الجذر المصري (mt) ويعني (الموت) مقابل الجذر الليبي (mt) ويعني الشيء نفسه كذلك في العديد من اللغات العروبية ، لاسيما العربية الحديثة بعد أن أضيف لها صوت الواو المتغير “: ” مات يموت ميتةً ، وتحذف العلة عند الجزم ” لم يمت ” وفي الأمر ” مٌت “.

– الجذر المصري (m) ويعني (الماء) مقابل الجذر الليبي (m) ويعني الشيء نفسه ، كذلك في معظم اللغات العروبية القديمة .

– الجذر المصري (sg) ويعني (سكين) مقابل الجذر الليبي (ks) ويعني الشيء نفسه ، كذلك في العربية الحديثة : (قص وشقَ = قط ، قطع).

2- ألفاظ ذات معان مشتركة :

أورد الدكتور خشيم (رحمه الله ) في كتابه (آلهة مصر العربية) عدة ألفاظ مصرية وكافأها بألفاظ ليبية وأضاف عليها ما يقابلها في العربية الحديثة ، انتقينا منها بعض الأسماء والصفات :

– ثور = لفظه المصري : جو = (ka) ويعني الثور إطلاقاً و (gw) ويعني نوعاً من الثيران ، يقابله اللفظ الليبي (agwi) أو (aggu) أو (agu) ، وفي العربية (عجل) مع إسقاط العين المصرية القديمة وعدم وجود اللام في الهيروغليفية فورد اللفظ بدونهما (ka) أو (ga) وقد نجد هذا المقطع في (جاموس) : (جا) =ثور + (مس) = ولد ، شبيه ، صورة .

– ذئب = لفظه المصري : وشن =(wsn) يقابله اللفظ الليبي (وشّن) أو (شنّ) وفي العربية (أوس) و (أويس) = الذئب ، ولايعرف .

– ذقن = ولفظه المصري : تامرت = (؟)يقابله اللفظ الليبي (تامرت) ، وفي العربية (مرط) ، والرجل الأمرط هو الذي خف عارضاه من الشعر .

– دسم = لفظه المصري : سمي (smi) يقابله اللفظ الليبي (إسم )وفي العربية (سمن) ثلاثي (سم) قارن (دسم) مثلثةً بدال في أولها .

– هدية = لفظه المصري : فقا (fqa) يقابله اللفظ الليبي (إفك) وفي العربية : (كفأ) = جازى بعطية والأصل (كفّ) مقلوب (فك) .

– قاعدة (مشروع) = ولفظه المصري شنتت (sntt) يقابله اللفظ الليبي (إسنتي) وفي العربية : (سنة : مفرد “سنن”).

– زهرة = ولفظه المصري : حررت (hrrt) يقابله اللفظ الليبي (أريرت) و(اريري) إسنتي) وفي العربية (سٌنّة :مفرد “سنن” ).

– فاسد = ولفظه المصري :بوت (bwt) يقابله اللفظ الليبي (بويت) وفي العربية : باط الرجلُ ، يبوط ، إذا ذل بعد عز أو افتقر بعد غنيً ، وفي ذلك معني الفساد .

وينقل (بيتس عدة مفردات ليبية قديمة كانت قد كتبت بالهيروغليفية الساكنة على نقوش مصرية قديمة ، معظمها أسماء أشخاص وقبائل وأشياء أخرى ، انتقينا منها النماذج التالية :

– (mskn ) = اسم علم ، سٌمي به فيما بعد ابن الإغليد النوميدي (مسينيسا) فكان مركباً من مقطعين :(ms) ويعني (ابن) و(kn) الذي يقابل (GN) في لهجة زواوة ومزاب والريف وتوات(أجنا ، الجنة ) السماء فيكون الأسم هكذا (مساجنس MISAGENES) = ابن السماء .

-(KPPUR) = اسم شخص ، وفي لهجة زوارة (أكبار) المخلب .

– (RBW)= اسم القبيلة الليبية القديمة المشهورة (ريبو) الذي تحول إلى (ليبو ) ثم صارت في النصوص العبرية (LBKI) التي يبدو أنها اسم المدينة الفينيقية (لبدة LEPTIS).

-(RBK)= اسم كلب الملك ، نٌقل عن مسلة تعود إلى الفرعون (إنتف الأول) ربما يكون اللفظ ليبيا – مصرياًقديماً كاسم لذاك النوع من الكلاب ، أو أن الكلاب نفسها مستوردة من ليبيا ومجلوبة ضمن الغنائم والأسرى الليبيين . نقش الاسم بحروف هيروغليفية ، وقورن بالفظ التارقي التماشقي (أبيكور ABAIKUR) ويعني (السلوقي : كلب صيد ) .

الخاتمة :

لم نتوسّع كثيراً في البحث والمقارنة ، ولم نغص عميقاً في لجج اللغات العروبية ، لنثبت العلاقة المتينة التي ربطت ولازالت تربط مشرقنا بمغربنا ، والتي تؤكدها اشتراكية اللغة منذ أقدم العصور إلي الآن ، وإنما اكتفينا – لقلة حيلتنا وشح مصادرنا – ببعض النماذج والعينات المختارة من هنا وهناك ، علّها تكون مفاتيح مناسبة لأبواب ستنفتح أمام الباحثين من شبابنا في المستقبل . فاللغة الليبية واللغة المصرية القديمتان صنوان لمقومات حضارة واحدة بغض النظر عن الأسماء والمسميات ، وهذا ما أكّده الكتاب الكلاسيكيون الإغريق قديماً وأثبته العلماء الغربيون حديثاً ، ونحن – للأسف الشديد – نغض الطرف عن ذلك ، ولا نوليه الاهتمام ، بدافع التعصب للبلد والتقوقع كل في محيطه القطري المحدود . وكان لزاماً على العلماء المحليين الأخذ بالمبادرة في تناول لهجاتهم بالبحث والدراسة ، وعدم تركها لغيرهم ، فهم أولى بشرحها وتفسيرها وتأويلها وتأصيلها ، كما هم أولى بالحفاظ على مكتسباتهم الثقافية وموروثاتهم الحضارية والتاريخية . واللهجة – في البلدان المتخلفة – لا تزال أكثر وثوقاً بعامة الناس من اللغة المقعّدة والمعقدة التي لا يسبر أغوارها غير العلماء والمدرسين والأدباء والمثقفين . فتظل اللهجة – في الشارع – قاسماً مشتركاً بين العالم الكبير والمواطن الأمّي البسيط . وهذا ما جعل الدول المتقدّمة تعمل على تلافيه والقضاء عليه ، وذلك بتذويب الفوارق بين ما هو متداول في الشارع والسوق والبيت ، وبين ما هو مستخدم في قاعات الدرس وقلاع العلم والدوائر الرسمية . أي تذويب الفوارق بين اللغة (LANGUAGE   ) واللهجة (DIALECT OR SLANG) وتوحيد لسان الأمة كافة . وما يحزّ في النفس ويدمي القلب ، هو أننا – في الوطن العربي – لا نزال منشغلين بمفهوم (هذا لي وهذا لك) ، نتنازع – وقد نتقاتل – حول تقسيم تركة التاريخ وإرث الأجداد ، مما خلق فينا هذا التمايز المقيت والشقاق المميت ، والذي سنورّثه –بدورنا- لأجيال ستعاني من التذبذب والازدوجية والارتباك أكثر مما عانينا حفظكم الله والسلام عليكم .

تنويه

يوجد لدى الباحث النسخة الإلكترونية الكاملة (PDF) لهذه الورقة متضمنة مقارنة بين الرموز الكتابية الليبية والمصرية القديمتين ، كذلك ترجمة للورقة باللغة الإنكليزية جاهزتان لمن يطلبهما .

 

 

منشور له صلة

اختتام النسخة الثالية للمنتدى المتوسطي الثالث لطب الأسنان بإيطاليا..

اختتمت خلال اليومين النسخة الثالثة من المنتدى المتوسطي الثالث لطب الأسنان والذي نظمه المنتدى الليبي…

يوم واحد منذ

تقرير فرنسي خطير: يجب منع الأطفال من استعمال الهواتف قبل هذه السن

كشف تقرير علمي فرنسي، عن نتائج صادمة تشرح ما يحدث للأطفال الذين يفرطون في استخدام…

يوم واحد منذ

بحضور دبلوماسي.. اجتماع مشترك للجمارك المصرية والليبية بغرفة تجارة الإسكندرية

الدكتور خطاب الساعدي قنصل عام ليبيا: الهدف من اللقاء الوصول لاتفاقيات مشتركة بين الجانبين استضافت…

يوم واحد منذ

المحلي للشباب ببلدية جنزور يختتم الدورة التدريبية لبرنامج “Microsoft Excel”

اختتم المجلس المحلي للشباب جنزور اليوم الاثنين الموافق 29 أبريل 2024 الدورة التدريبية لأساسيات استخدام…

يوم واحد منذ

الغذاء داء ودواء

    د.علي المبروك ابوقرين عشنا فترات عصيبة في أزمان الجفاف وشح الغذاء ، وأُطلق على…

يوم واحد منذ

القوى العاملة والصحة

د.علي المبروك ابوقرين بمناسبة عيد العمال من أهم ما يحتاجه العاملين هو البيئة الصحية الآمنة…

يوم واحد منذ