التصنيفات: كتاب الرائ

أما النفط فأجتنيو !! –

الهادي الورفلي -

متون وهوامش

الهادي الورفلي

أما النفط فأجتنيو !!

نحن أبناء النفط لذلك نحن نحبه كثيراً .. ، نعرف آباره ، وحقوله ..، وموائنه مثلما نعرف أسعاره وتقلباتها ..، نرقب مجيء سفنه إلى شواطئنا لنقله خاماً إلى آخرين قد لا نحبهم ، ولا تربطنا بهم مودة .. تماماً .. كما ننتظر السفن المحملة بكل ما لذ ، وطاب .. وأصاب ، وقتل ،  وأفسد ودمر لتصبه في جوفنا مقابل أن تستعيد ما أعطاه “إيانا” النفط من أموا ل .. منذ ما يقرب من النصف قرن .. ونحن بلا وظيفة حقيقية .. ، فجل وقتنا مهدور بلا شيء .. بلا أثر .. ولا تأثير .. ، حتى النفط الذي تربينا في ” أحضانه” لا نعرف كيف ” ينبت ” في أعماق الأرض ..، ولا كيف يستخرج ، ولا نعرف له فائدة أخرى غير ثمنه الذي يملأ جيوبنا .. ويصنع منا كسالى كل مهمتهم إنفاق ” فلوس” النفط على أشياء بسيطة لم نعد قادرين على صنعها بأيدينا .. فغيرنا هم من يبني لنا البيوت التي نعيش فيها .. ويزرع لنا طعامنا .. ويربي لنا أغنامنا ، ويعبد لنا طرقنا .. ونحن ندفع فقط .. هكذا صنع منا النفط . حتى أصبح كل ما عندنا من ” خيرات ” النفط علينا .. أو من ” عرق ” الشعوب التى تعمل لدينا فقد أصبحت أيدينا ناعمة لا تصلح للعمل .. ، والإنتاج .. ، والله يحب اليد الخشنة ونحن لا نحبها ..

كل شيء يشتريه لنا النفط .. ثقافتنا .. أكلنا ، شربنا ، لباسنا ، مركوبنا وحتى متعتنا .. وترفيهنا .. ، وأحلامنا .. كل شيء تريده يأتينا مقابل النفط .. ، ونحن على الأرائك نائمون .. قلا شيء غير ذلك نجيد .. فقط نحلم ليحقق لنا النفط .. هذا النفط الذي جعلنا نعشق ” الدولار” بدل أن نعشق الوطن .. ، ولهذا فنحن أبناء النفط ولسنا أبناء الوطن ..، والأمر مختلف بشكل كبير .. ، الوطن ليس له ” بورصة ” أسهم .. أما النفط فله ” بورصته ” التي ” تغني وتفقر ” من تريد ..

والآن ماذا صنعنا لأنفسنا .. ، وماذا استفدنا من ” فلوس” النفط .. ؟ لا شيء .. هي فقط  أغرقتنا في وحل الحرام .. الذي أكله البعض منا جهاراً نهاراً ..

فصار  هذا البعض بغيضاً عند بعضنا الآخر .. وكلاهما في كره ، وخوف ، وصراع لا محدود .. ، ولأن النفط سلب عقولنا فلم نعد ندرك أن التقدم الحق يكون في ” صنع في ليبي ” فقط .. وبعقولنا وبإيدينا فقط .. أما النفط فاجتنبوه يرحمكم الله !!

منشور له صلة

مشاركة ليبية بالمؤتمر العالمي الرابع عشر للرابطة الدولية لقضاة اللاجئين والهجرة في نيروبي

شهدت العاصمة الكينية نيروبي، خلال الفترة من 17 إلى 22 نوفمبر 2025، انعقاد المؤتمر العالمي…

4 أسابيع منذ

الرؤية الصحية الطويلة الأمد

د.علي المبروك أبوقرين هناك لحظة حرجة في تاريخ الأمم تتوقف فيها عقارب الساعة على سؤال…

شهر واحد منذ

الصحة التعليمية

هناك لحظة خفية تبدأ فيها الحكاية ، لحظة لا يسمعها أحد ، حين تنبض خلية…

شهر واحد منذ

الدور السيادي والنهضوي للقطاع الصحي

إن القطاع الصحي العام ليس مجرد مؤسسات تقدم العلاج أو تُدار بالموازنات السنوية ، بل…

شهر واحد منذ

المؤشرات الصحية

د.علي المبروك أبوقرينإن الأوطان لا تقاس بارتفاع مبانيها ولا بحجم موازناتها ولا بعدد قراراتها ،…

شهر واحد منذ

لماذا إسطنبول؟

جلال عثمان قد يتساءل البعض عن سبب اختيار مكان خارج ليبيا لانعقاد هذا الاجتماع التأسيسي…

شهر واحد منذ